تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
حدبحك ... لو عملت كدة تاني
جملة كثيرا ما تتردد على لسان بعض الأمهات.
جملة تهديدية ربما تتلفظ بها الأم ولا تلقي لها بالا.
وكثيرا ما تطمئن الأم بها لأنها قد أدت المراد منها وأسكتت شقاوة طفلها الذي تعتبره عفريتا مزعجا. ولا تدري الأم ما أدت إليه هذه الجملة المرعبة في نفس الطفل من تداعيات خطيرة . وتعالوا معي لتروا هذا السيناريو المرعب.
عندما حلم الحرفوش أنه خروف
الجو العام ... أيام عيد الأضحى ...
المكان تحت عمارتنا الكبيرة ...والأولاد والبنات في حينا الجميل، تدور ثرثتهم عن الجد الذي ذهب إلى الحج .. عن العيد وملابس العيد وبمب العيد وبالوناته وملابسه الجديدة
، وذبح الخروف .
مرت كل هذه الفعاليات في ذهن الحرفوش الصغير ، ولم يثبت منها في ذاكرته المائية سوى ( ذبح الخروف) .
من عادتنا كأطفال أن نحتفظ بملابسنا الجديدة حولنا ننام معها وننظرإليها نتحسسها حين نصحو ونغفو ونسترق النظر إلى أحذينا تحت السرير ، وكنت معتادا أن أشم حذائي الجديد متلذذا برائحة جلده اللامع ، متحسسا ملمس الملابس الجديدة. مستعجلا الصبح أن يفيق من سباته كي ننطلق نحو الحدائق.
لكنني في تلك الليلة لم أشعر بتلك المشاعر الحميمة ، ولا تلك اللحظات الحلوة.، فلا أنا صحوت من غفوتي ، ولا أنا تحسست ملابسي الجديدة، ولا أنا شممت حذائي الجديد .
كان أولا وبنات الحي يتندرون عن ذبح الخرفان . ويتفاخرون بأن آباءهم قد اشتروا خرفانا سيقومون بذبحها صباح العيد.
أما صغيرنا الحرفوش المسكين فكانت يده لا تفارق عنقه . مستذكرا كلمات أمه الصارمة
( والله لو ما سكت عن شقاوتك حدبحك)
ونام صغيرنا والرعب يتلبسه.
وانتابه كابوس ثقيل .
*****
(رأيت نفسي بأم عيني في زجاج باب عمارتنا ... نعم رأيتني خروفا ممصوصا معدما مجهدا وكانت فروتي مكرمشة - وعيناي ذابلتان )،
كان الأولاد والبنات من حولي يتصايحون :
الخروف أهو .... هييييييييييييه ياللا عشان حندبحه.
وعم بسطاوي الجزار ذو الشارب الضخم والكرش المتورم ، يسوقني نحو البدروم ، وفي يده سكين لامع ضخم ، وأمي على أول درجة من السلم تردد جملتها الصارمة
والله لادبحك.
صحوت وأنا أمأمأ كحمل تائة في سوق للحمير.
وجرت جدتي نحو سريري وضمتني في صدرها ، وأنا أصرخ ... أصرخ ماسكا عنقي بكلتا يدي الصغيرتين.
وأمي تدخل علينا ناهرة إياي ، لا تدري ماذا جرى ولاتدرك مغزى صراخي :
برضو بتسروخ .... وتزعج الجيران؟
حدبحك ... لو عملت كدة تاني.