انت في لنـــدن سنجــابة حـــب..
تـــأكــل السـكر والفســتق..
مـــن بيــن يــديــا..
عــربشــت فــوق قميــصـي..
عــربشـت فـــوق ضــلوعــي..
عـــربشــت فـــوق عــروقي..
واختفت فــي كنـــزة الصـــوف التــي ألبســـها..
تجمـــع المشمش والزعتــر والنــعناع..
والعشــب الطــريــا..
انتِ فــي منفـــاي سنجـــابــة عمـــري..
وانـــا في لنـــدن ، تبهـــرنــي حــريتي..
جســــدي يبهــرني..
لغتـــي تبهــــرنــي..
دهشتــــي تــدهشـــــنـي..
فـــكأنــي لـــم اكـــن في ذات يـــوم عــربيّــا..
كلــما شـــاهـــدنــي النـــاس صبـــاحـــا..
خـــارجـــا مـــن تحـــت اهـــدابــكِ..
ظنــــونـــي نبيّــــا..
مـــن تكـــونيــن أيـــا سيـــدتــي..؟!
يــــا التـــي تحمـــل فـــي قفــطانــها..
عنــــدما تجـــلس قــــرب المــدفـــأة ..
كــل تـــاريخ الشــجر..
يــا التــي حبـــي لهـــــا امـــــــرُ مـــن الله..
وعينـــــــاهــــا ... قضـــــاءٌ وقـــــدر..
أنـتِ سنجـــابٌ جبـــان..
خـــــائـــفٌ مــــن نفســـه..
خـــــائـــفٌ مــــن خـــوفــه..
خــــائـــفٌ مـــــن أيّ شيـــــئ فــــي يـــدي..
أو فــــي فمــــي..
خــــائــــفٌ مـــن كـــــــلّ مـــــا لا يُــنــتــظــــر..
أنتِ سنــــجــابــي الحضــــــاري الــذي حــــرّرنـي ..
مــن صـــداع اطلع برة في عصر الحجـــر..
تـــاركـــــا فـــي جســـدي..
شعـــــــــرا..ونثـــــــــرا..وعصــــــــافيــــــر..
وقمحــــــا..وتمـــــرا..
تــــــاركــــا فــــي داخــــلـي..
نصــــف قمـــــر..
انـتِ فـــي لنــــدن..
سنجــــابٌ رمــــــاديّ الفــــــراء..
جـــــــاء كــــي يبـنـــــي بصـــــدري وطنــــــــا..
بعــــــدما حاصـــــــره ثلـــج الشتــــــــــاء..
نـــــــط مـــن افــــقٍ الـــــى افــــق..
ومـــــن غصــــنٍ الــــــى غصـــن..
ومــــن نهـــرٍ إلى رابيـــة ...
ثــــم ألـــقى عند بـابي ..
صـرة مـــن كســــــتناء..
انــتِ سنجـــابي الـــذي دوخـــني..
ورمـــاني خـــاتــما..
فــــي جـــواريـــر النســــــاء..
قطتـــي ...عصفــــــورتــي...سنجــــابتـــي..
يـــا التـــي ارســــلها الله مــــن الغيـــب إليــــا..
انــــا مـــا عــنـــدي اعتــــراضٌ أبــــدا..
فاقضـــمي وجــه المخــــدات،إذا شئــــتِ..
اقضمينــــي حبــــة مـــن بنــــدق..
إن تـــوحـمـت.
.
اجعــــليني مـــن اشيـــائـــك قـــرطــا ذهبــــيـــا..
العبــــي بـــالـــوقـــت ... والأعصـــاب يــــا سيـــدتـــي..
غيّــــري شعــــري ونثـــري ..
وجـــــذوري وســــــلالاتـــي..
وغــــــوصي خنجـــــــرا في رئـتـيـــا..
ادخــــلي تحت قميصـــــــي..
ادخلــــــي تحت شـــراييـــن يــــدي..
ادخلـــــي فــــي لغتـــي..
ادخلــــــي في اللحـــم والاعصــــاب..
سيفــــــا أمـــــويّـــــا..
واغسلينــــــــي بينـــــــابيعـــــك..
اني لـــــــم اكــــن قبـــلـكِ الا بــــدويـــــا....
حـــــرّرينــــي ..
مـــن أبــــي زيـــد الهـــــلالـــي الـــذي يســـكنــنـي..
ومن الـــرمـــل االـــذي يطــــمرنـــي..
ومــن الشـــوك الـــذي كـــان يغطــــي شفـتـيــا..
ارفعـــينــي لفضـــــاءاتـــك..يـــا سيـــدتـــي..
وانــــزعـــي عنـــي قنــــاعـــي الجـــاهــلـيـا..
علميـــنــي..
كـــيف بــالـذهــــن تـــشـــــــــم المـــــــرأه..
كيـــــــف يغــــدو العشـــق تــــرتيـــلا وانشـــادا.
.
ورسمــــا بالاحـــاسيــــــــس..
وجســــــــرا قـــمـريـــا..
كـــل حـــــب ..
هـــــــــو- يـــــا سيـــدتـــي- فعــــل رقــــيّ ..
فأحبيـــــنــــي ..
أحــــبيـــنــــي ..
أحبــيــنــــــي..
لأزداد رقـــيّـــــــــــــــــــــــا..
*
*
*
*
نـــزار قباني
لندن 1993..
ديوان (أنا رجل واحد وانت قبيله من النساء)