وفاة النبى صلى الله عليه وسلم

وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم
قال الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)}[سورة الأحزاب].

الحمد لله ربّ العالمين هدانا للإيمان وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله والصلاة والسلام على أشرف النبيين وخاتم المرسلين أدى الأمانة وبلغ الرسالة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين.

الحج . لا يمكن وصف شعور من يحج لبيت الله الحرام وفرحته التى قد تصل به لحد البكاء الذى يغسل الروح والقلب . ولكن لماذا تبكى يا ابا بكر يا صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت تحج برفقة الحبيب المصطفى عليه أفضل صلاة وسلام ؟ لا لم يكن كأى بكاء لم يكن بكاء تكبير وتلبية
إذاً ما سر بكائك يا صديق ؟ هل يبكى أحد والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فى عرفة ؟ هل يبكى أحد والرسول يضع فى خطبته قواعد الإسلام ويدعو بدعاء الأنبياء ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير ) و ويعلم البشرية مبادئ الرحمة والإنسانية ويرسي لها دعائم السلم والسلام والتراحم والتعاون وحقوق الأنسان .
وكيف نقيم فيها أواصر المحبة والأخوة هل تبكى والرسول ينزل عليه الوحى بالآية رقم 3 من سورة المائدة (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
علمنا الأن لماذا بكى الصديق فقد أدرك معنى ما ورد بالآية الكريمة(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) أدرك ابو بكر أن هذا اللقاء لم يكن فقط لقاءء بين أمة ورسولها بل كان لقاء توصية ووداع . عرفنا الأن سر بكائك يا صديق رسول الله صلى الله عليه وسلم . أدركت يا صديق معنى ما جاء فى الخطبة ( أيها الناس اسمعوا قولي فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ).
بكى ابو بكر وتعجب الناس وقالوا :
ما يبكيك يا أبوبكر أنها آية مثل كل الآيات التى نزل بها الوحى على الرسول صلى الله عليه وسلم.. فقال ابو بكر: هذا نعي رسول الله.
عندما نزلت على الرسول الله صلى الله عليه وسلم سورة النصر {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } علم أن نفسه الشريفة تنعى اليه فأخبر بذلك خواص أقربائه كعائشة زوجته وفاطمةأبنته بعدها أصيب النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الآلام وظهر عليه المرض . وكان رغم مرضه يصلي بأصحابه حتى اشتد الوجع بالنبي عليه الصلاة والسلام ولم يستطع أن يصلي بأصحابه .
جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها ( أنه لما اشتد الوجع برسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصلى الناس ؟ قلنا لا يا رسول الله ، وهم ينتظرونك ) وذلك في صلاة العشاء ( فقال عليه الصلاة والسلام اجعلوا لي في المخضب ماء ، فقام عليه الصلاة والسلام فاغتسل ، ثم أراد أن يقوم فأغمي عليه ، ثم قال أصلى الناس ؟ قلنا لا يا رسول الله وهم ينتظرونك ، فأمر عليه الصلاة والسلام من يأمر أبا بكر أن يصلي بالناس ) وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا رقيقا بكاءً لا يملك دمعه إذا قرأ القرآن ، ( فقال أبو بكر يا عمر صل بالناس ، فقال عمر رضي الله عنه أنت أحق بذلك ، فصلى بهم أبو بكر رضي الله عنه في تلك الأيام ) ومضت الأيام وفي يوم الخميس في صلاة الظهر كما جاء في الصحيحين وكان أبو بكر رضي الله عنه يصلي بالصحابة ( فوجد عليه الصلاة والسلام خفة فخرج عليه الصلاة والسلام يعضداه العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب ، فلما رآه أبو بكر رضي الله عنه أحب أن يتأخر ، فأشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يبقى في مكانه ، وأمرهما أن يجعلاه جنب أبي بكر رضي الله عنه ، فصلى أبو بكر رضي الله عنه الصلاة قائما ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الصلاة قاعدا )، وكان عليه الصلاة والسلام ( ملتحفا بثوب) كما أخرج ذلك البيهقي ، وكانت تلك الصلاة كما أسلفنا هي صلاة الظهر في يوم الخميس ، فلما فرغوا من الصلاة دخل النبي صلى الله عليه وسلم حجرة عائشة ، فلما جاءت صلاة العصر طمحت أنفس الصحابة رضي الله عنهم أن يخرج عليه الصلاة والسلام فلم يخرج وجاءت صلاة المغرب ، وكذلك صلاة العشاء ، فلم يخرج إليهم لشدة ما يعانيه من الأوجاع والآلام، فحدا بهما الأمل أن يخرج يوم الجمعة فيصلي بهم ، لكن يوم الجمعة مضى ولم يخرج عليه الصلاة والسلام ، وجاء يوم السبت ومر بأكمله ولم يصل عليه الصلاة والسلام، وجاءت صبيحة يوم الأحد فحدا بهم الشوق أن يخرج عليه الصلاة والسلام لكنه لم يخرج ،وإلى الله المشتكى والمرجع ، مضى يوم الأحد بأكمله ولم يخرج عليه الصلاة والسلام ، فلما جاءت ليلة يوم الاثنين ، كما جاء عند البزار برجالٍ قال عنه الهيثمي في المجمع [رجاله رجال الصحيح] ( قالت عائشة رضي الله عنها ما مرت عليّ ليلة مثل ليلة قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم أطلع الفجر ؟ قلت لا ، فلما جلس هنيهة قال أطلع الفجر ؟ قلت نعم يا رسول الله ، فأذن بلال ، فأتى بلال ، فقال عليه الصلاة والسلام من هذا ؟ فقالت عائشة ) لشدة ما يعانيه عليه الصلاة والسلام من المرض لم يعرف بلالا ( فقالت رضي الله عنها إنه بلال ، فقال عليه الصلاة والسلام مري أبا بكر فليصل بالناس ) وجاء في الصحيحين ( أنها قالت يا رسول الله ) هي شعرت بأن النبي عليه الصلاة والسلام على مشارف الموت ، ( فقالت يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه ، فلو أمرت غير أبي بكر ، قالت والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس في أول مَنْ يقوم في مقام النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال عليه الصلاة والسلام : (مري أبا بكر فليصل بالناس ، فإنكن صويحبات يوسف ) والمراد من ذلك كما قال النووي [ لكثرة إلحاحكن وطلبكن ] وقال ابن حجر [ لأن زليخاء دعت النسوة وفي ظاهرها أن تكرمهن وهي أرادت أن تظهر لهن حسن يوسف فيعذرنها لمحبتها له ] وكذلك عائشة رضي الله عنها في ظاهرها أنها صرفت الإمامة عن أبيها لكونه لا يملك دمعه وهي تريد بذلك ألا يتشاءم الناس بأبيها ، فلما صلى أبو بكر رضي الله عنه وذلك يوم الاثنين كما قال أنس رضي الله عنه ( بينهما هم يصلون إذا به يكشف سترة الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف يضحك متبسما ، قال أنس فهممنا أن نفتتن به من شدة الفرح ، فما رأينا منظرا كان أعجب إلينا من وجهه عليه الصلاة والسلام حين وضح لنا ، ففرحنا بذلك ، لكنه أشار بيده أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ، وكان ذلك يوم الاثنين
قبل الوفاه بـ 9 أيام نزلت آخر ايه من القرآن الكريم وهى الآية 281 من سورة البقرة .
وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ
طلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يزور شهداء أحد وكان المرض قد بدأ يظهر عليه ووقف الرسول عليه افضل صلاة وسلام يقول للشهداء :السلام عليكم يا شهداء أحد، أنتم السابقون وإنا إنشاء الله بكم لاحقون، وإني إن شاء الله بكم لاحق وفى طريق العودة أعلمنا أننا أخوانه عندما بكى .قالوا ما يبكيك يارسول الله ؟
قال عليه أذكى صلاة وسلام : اشتقت إلى إخواني ، قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال لا أنتم أصحابي، أما إخواني فهم قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم
يروني . اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وأصحابه أجمعين آمين .

اشتد الوجع على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قبل الوفاة بثلاثة أيام وكان فى بيت أم المؤمنين السيدة ميمونة فطلب جمع زوجاته وأستأذنهم فى أن يمرض فى بيت أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها وعن ابيها .

لم يستطيع الحبيب القيام من مجلسه فلم يستطيع فحمله أولاد عمه علي بن أبي طالب والفضل بن العباس الي حجرة أم المؤمنين السيدة عائشة .
كانت هذه المرة الأولى التى يرى فيها الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الحال لأول مره .. فبدأت الهمهمات وأنتابهم الهلع وتسألوا بينهم :
ماذا أحل برسول الله.. ماذا أحل برسول الله ... فتجمع الناس في المسجد وتزاحموا حتى امتلأ المسجد.
ما أروع الطيب الذى تناثر من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم فالعرق يتصبب بغزاره وأخذت السيدة عائشة بيد النبي تمسح بها وجهها وذكر ابن كثير عن السيدة أم سلمة أنها قالت وضعت يدي على صدر النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته فمرت عليّ جُمع ) أي أسابيع ( آكل وأتوضأ وما يذهب ريح المسك من يدي )
وكان عليه الصلاة والسلام كما جاء بالبخاري ( بين يديه ركوة ماء فجعل يضع يده فيها ويمسح وجهه بالماء ، وكان يقول لا إله إلا الله إن للموت لسكرات ) اشتد به الألم فجعل يغمى عليه الفينة بعد الفينة ، وقد جاء عند الإمام أحمد كما قال الهيثمي [ رجاله رجال الصحيح ] عن سهل بن سعد رضي الله عنه ( أنه عليه الصلاة والسلام مع هذه الأوجاع ومع هذه الآلام كان عنده سبعة دنانير فقال يا عائشة أعطي هذه السبعة عليا فليتصدق بها ، فانشغلت عائشة رضي الله عنها بمرضه عليه الصلاة والسلام ، فلما أفاق قال: (بعثي بالسبعة الدنانير ؟ فقالت يا رسول الله لقد شغلني وجعك ، فأمرها عليه الصلاة والسلام أن تبعث بها إلى علي بن طالب ، ثم لما أفاق قال هل بعثتي بالسبعة الدنانير إلى علي بن أبي طالب ؟ قالت يا رسول الله شغلني وجعك ، فقال كيف يلقى محمد ربه وفي بيته سبعة دنانير ؟ ) لا إله إلا الله ، نسأل الله أن يرحمنا وأن يلطف بنا ، ( فبعثت بها عائشة رضي الله عنها إلى علي بن أبي طالب فتصدق بها ) .
كثر اللغط في المسجد اشفاقا وهلعاً على الرسول عليه الصلاة والسلام .
سأل النبى عن ما يحدث فى المسجد ؟ . فقالوا : يارسول الله ، يخافون عليك فقال : احملوني إليهم. فأراد أن يقوم فما استطاع.
أخذت الرسول صلى الله عليه وسلم غيبوبة فصبوا عليه 7 قرب من الماء حتي يفيق . ثم حملوه وصعد إلى المنبر..
فقال النبي : ( أيها الناس، كأنكم تخافون علي )
أجابوا : نعم يارسول الله .
فقال Sad

أيها الناس، موعدكم معي ليس الدنيا، موعدكم معي عند الحوض.. والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا. أيها الناس، والله ما الفقرأخشى عليكم ،ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ،فتهلككم كماأهلكتهم .... أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه ورددها أكثر من مرة ثم قال أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا)
ثم قال ( أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا و بين ما عند الله،فاختار ما عند الله ) أنفجرسيدنا أبو بكر بالبكاء وعليّ نحيبه ، ووقف مقاطع النبي صلى الله عليه وسلم وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ،فديناء بأولادنا ،فدينك بأزواجنا فديناك بأموالنا ، وظل يرددها..

تعجب الناس من أبو بكر كيف يقاطع النبي ؟
فأخذ النبي يدافع عن أبو بكر قائلا :
( أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ،فتركت مكافأته إلى الله عزوجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا )
ثم بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قائلاً :

(أواكم الله حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله، أيدكم الله ) ثم قال ( أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامة )
يا حبيبى يارسول الله حتى فى قمة مرضك وأشتداد وجعك لم تنسنا بالدعاء .

حمل الرسول صلى الله عليه وسلم وهو فى قمة المرض وأشتداد الوجع بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا مصداق قوله عليه الصلاة والسلام كما ورد بصحيح البخاري ( أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى المرء على قدر دينه ، فإن كان في دينه صلابة شدد عليه في البلاء ) حتى قالت السيدة عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين ( ما رأيت أحدا الوجع عليه أشد من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فلما اشتد به الوجع كما جاء في صحيح البخاري

دخل عبد الرحمن أبي بكر على ارسول صلى الله عليه وسلم وفي يده سواك، فظل النبي ينظر الى السواك ولكنه لم يستطيع ان يطلبه من شدة مرضه.

ففهمت السيدة عائشه من نظرة النبي، فأخذت السواك من أخيها عبد الرحمن وطيبته ووضعته في فم النبي فلم يستطع أن يستاك به، فأخذته من النبي وجعلت تلينه بفمها وردته للنبي مره أخري حتى يكون طريا عليه فقالت : كان آخر شئ دخل جوف النبي هو ريقي ،فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت .
ثم دخلت السيدة فاطمه الزهراء رضى الله عنها ، فلما دخلت بكت فقد كان عليه افضل صلاة وسلام يتغشاه الكرب وتتغشاه سكرات الموت ، فقالت فاطمة وا كرب أباه ، فقال عليه الصلاة والسلام لا كرب على أبيك بعد اليوم . كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل السيدة فاطمة بين عينيها كلما جاءت إليه .. فقال النبي: :

(ادنى مني يا فاطمه فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر . فلما بكت قال فحدثها مره أخري في اذنها ، فضحكت)

بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي ، فقالت :
قال لي في المره الأولي يا فاطمه ، إني ميت الليله فبكيت ، فلما وجدني أبكي قال يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي فضحكت .
تقول السيده عائشه : ثم قال النبي : أخرجوا من عندي في البيت وقال ادنو مني يا عائشه فنام النبي على صدر زوجته ،تقول السيدة عائشة ( فجعلت أقرأ المعوذات وأمسح بيده لأن يده أعظم بركة من يدي فرفع رأسه الشريفة عليه الصلاة والسلام إلى السماء وقال: ( بل الرفيق الأعلى بل الرفيق الأعلى ) قالت عائشة ( قلت إذاً: لا يختارنا ، فعرفت أنه هو حديثه الذي كان يحدثنا به ) وكان عليه الصلاة والسلام في حال صحته يحدث كما جاء في البخاري ( أنه ما من نبي يقبض إلا ويرى مقعده من الجنة ثم يخير بين الدنيا والآخرة ) فسمعته عليه الصلاة والسلام في مرضه الذي مات فيه يقول ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) ، قالت فظننت أنه خير )

دخل سيدنا جبريل علي النبي وقال : يارسول الله ، ملك الموت بالباب يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك فقال النبي ائذن له ياجبريل فدخل ملك الموت على النبي وقال السلام عليك يا رسول الله ،أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله فقال النبي بل الرفيق الأعلى ، بل الرفيق الأعلى ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال أيتها الروح الطيبة ، روح محمد بن عبدالله ، أخرجي إلى رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان ...

تقول أم المؤمنين عائشه:
فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري، فعرفت أنه قد مات
، وفي ذلك تقول عائشة كما في صحيح البخاري ( مات في يومي وفي بيتي وبين سحري ونحري ) وفي رواية ( بين حاقني وذاقنتي ) وهي الصدر وموضع الحنك ولم يخالف هذا إلا الحاكم من طرق من أنه ( مات في حجر علي ) قال ابن حجر رحمه الله [ إنها طرق لا يخلو منها شيعي فلا يلتفت إليها ] ا.هـ وهنا أرى أنه لا خلاف يقلل من شرف الأثنين سيدنا على رضى الله عنه والسيدة عائشة رضى الله عنها

فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ،مات رسول الله. تقول فانفجر المسجد بالبكاء. فهذا علي بن أبي طالب أقعد، وهذاعثمان بن عفان كالصبي يؤخذ بيده يمني ويسري وهذا عمر بن الخطاب يرفع سيفه ويقول من قال أنه قدمات قطعت رأسه، إنه ذهب للقاء ربه كما ذهب موسي للقاء ربه وسيعود ويقتل من قال أنه قد مات.
كان أبو بكر رضي الله عنه كما جاء في صحيح البخاري وفي سنن النسائي خارج المدينة ، فلما علم بموت النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على فرسه حتى نزل فدخل المسجد وعمر يكلم الناس ، دخل أبو بكر رضي الله عنه ولم يكلم أحدا حتى دخل على السيدة عائشة رضي الله عنها وإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى و مغطى ببردة فكشف عن وجهه ثم قبل ما بين عينيه ثم بكى وقال رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا نبي الله، والله لا يجمع الله عليك موتتين ، لقد مت الموتة التي لا تموت بعدها واحتضنه وقال وآآآ خليلاه ،وآآآصفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه . وقبل النبي وقال: طبت حيا وطبت ميتايا رسول الله.

مات النبي عليه الصلاة والسلام وعمربن الخطاب رضي الله عنه كاد أن يفتن من شدة وقع الخبركما جاء في المسند ( خارج الحجرة يهدد ويتوعد من يقول إن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات ، فدخل المغيرة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم خرج ، فقال يا عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات ، فقال اصمت فإنك رجل تحوسك فتنة ، ثم قام رضي الله عنه ) يعني عمر ( فاختطب في الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني الله المنافقين ، فلما كان في هذه الحال إذا بأبي بكر رضي الله عنه يخرج كما في صحيح البخاري ( فأمر عمر أن يجلس لكن عمر أبى ، فأقبل الناس إلى أبي بكر وتركوا عمر ) فقال أبو بكر مقولته المشهورة التي تنبئ على عظم إيمانه وعلى صبره وعلى ثباته في هذه المواقف ( فقال في الناس : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت ، ثم تلا قوله تعالى {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ( والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه ، فتلقاها الناس من أبي بكر فجعل كل شخص يقرؤها ) قال عمر رضي الله عنه ( والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلو هذه الآية حتى عُقِرْت ) يعني هلكت وفي رواية مضبوطة ( حتى عَقَرت ) يعني تحيرت ودهشت ( حتى ما تقلني رجلاي ، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعت كلام أبي بكر وعلمت أن النبي عليه الصلاة والسلام قد مات )
ويسقط السيف من يد عمر بن الخطاب يقول: فعرفت أنه قد مات... ويقول: فخرجت أجري أبحث عن مكان أجلس فيه وحدي لأبكي وحدي.

ودفن النبي والسيدة فاطمة تقول : أطابت أنفسكم أن تحثوا التراب على وجه النبي ووقفت تنعي النبي وتقول يا أبتاه، أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه ، جنة الفردوس مأواه ، ياأبتاه ، الى جبريل ننعاه .

إخوة الإسلام أعلم أن الكثيرين سبقونى بالكتابة فى وصف لحظات وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وأننى أقلهم فى الوصف فكل من كتب كتب بإيمان فكان ما كتبه فى منتهى الروعة . مات سيد الأمة وإمام الأئمة من أرسله الله للناس هدىً ورحمة .
مات أفضل عباد الله فلنتذكر بأن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر وبأن الموت حق قد كتبه الله على العباد. قد قال الله تعالى مخاطبا نبيه المصطفى في الآية 30 من سورة الزمر: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} كما جاء فى محكم كتابهبالآية 185 من سورة أل عمران ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾
غسل الرسول صلى الله عليه وسلم وعليه قميصه وقام بغسل جسده الشريف سيدنا على بن ابى طالب والعباس والفضل وكان أسامة بن زيد وشقران وأوس بن خولى الأنصارى يصبان عليه الماء ثم كفن جسده الشريف فى ثلاثة أثواب بيض اللون

_